فصل: أحاديث الخصوم في النافلة بمكة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


-  أحاديث الخصوم في النافلة بمكة

- واستدل الشافعي على جواز النافلة بمكة في الأوقات الخمسة المتقدمة بدون كراهية بما تقدم من حديث جبير بن مطعم مرفوعًا ‏"‏يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت، وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار‏"‏، وبحديث أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه ‏[‏ص 163‏]‏‏"‏ عن عبد اللّه بن المؤمّلِ المخزومي عن حميد مولى عفراء عن قيس بن سعدٍ عن مجاهد، قال‏:‏ قدم أبو ذر فأخذ بعضادتي باب الكعبة، ثم قال‏:‏ سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ ‏"‏لا يصلي أحدكم بعد الصبح إلى طلوع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا بمكة‏"‏ يقول ذلك ثلاثًا، انتهى‏.‏ وهو حديث ضعيف، قال أحمد‏:‏ أحاديث ابن المؤمل مناكير، وقال ابن معين‏:‏ هو ضعيف الحديث، ورواه البيهقي ‏[‏ص 461 - ج 2‏]‏، وقال‏:‏ هذا يعد في أفراد ابن المؤمل، وهو ضعيف إلا أن إبراهيم ابن طهمان قد تابعه في ذلك عن حميدٍ، وأقام إسناده، ثم أخرجه عن خلاد بن يحيى ثنا إبراهيم بن طهمان ثنا حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد، قال‏:‏ جاءنا أبو ذر، فأخذ بحلقة الباب الحديث، قال البيهقي‏:‏ وحميد الأعرج ليس بالقوي، ومجاهد لا يثبت له سماع من أبي ذر، وقوله‏:‏ جاءنا أي جاء بلدنا، قال‏:‏ وقد روي من وجه آخر عن مجاهد، ثم أخرجه من طريق ابن عدي بسنده عن اليسع بن طلحة القرشي من أهل مكة، قال‏:‏ سمعت مجاهدًا يقول‏:‏ بلغنا أن أبا ذر قال‏:‏ رأيت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أخذ بحلقتي الباب يقول ثلاثًا‏:‏ ‏"‏لا صلاة بعد العصر إلا بمكة‏"‏، قال البيهقي‏:‏ واليسع بن طلحة ضعفوه، والحديث منقطع، مجاهد لم يدرك أبا ذر، انتهى‏.‏ قال الشيخ في ‏"‏الإمام‏"‏‏:‏ وحديث أبي ذر هذا معلول بأربعة أشياء‏:‏ أحدها‏:‏ انقطاع ما بين مجاهد‏.‏ وأبي ذر، ثم ذكر كلام البيهقي‏.‏ والثاني‏:‏ اختلاف في إسناده، فرواه سعيد بن سالم عن ابن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن مجاهِدٍ عن أبي ذر لم يذكر فيه قيس بن سعد، أخرجه كذلك ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏، قال البيهقي‏:‏ وكذلك رواه عبد اللّه بن محمد الشامي عن ابن المؤمل عن حميد الأعرج عن مجاهد‏.‏ والثالث‏:‏ ضعف ابن المؤمل، قال النسائي‏.‏ وابن معين‏:‏ ضعيف، وقال أحمد‏:‏ أحاديثه مناكير، وقال ابن عدي‏:‏ عامة حديثه الضعف عليه بيِّن‏.‏ والرابع‏:‏ ضعف حميد مولى عفراء، قال البيهقي‏:‏ ليس بالقوي، وقال أبو عمر بن عبد البر‏:‏ هو ضعيف، انتهى‏.‏

- حديث آخر خاص بركعتي الطواف، قال الشيخ في ‏"‏الإمام‏"‏‏:‏ وقد ورد ما يشعر بأن هذا الاستثناء بمكة إنما هو في ركعتي الطواف، فأخرج ابن عدي عن سعيد بن أبي راشد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس، من طاف فليصل‏"‏ أي حين طاف، انتهى‏.‏ قال ابن عدي‏:‏ وسعيد هذا يحدث عن عطاء، وغيره بما لا يتابع عليه، قال البيهقي‏:‏ وذكره البخاري في ‏"‏التاريخ‏"‏ وقال‏:‏ لا يتابع عليه، انتهى‏.‏

الحديث العشرون‏:‏ روي أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كان

- لا يتنفل بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتي الفجر،

قلت‏:‏ روى البخاري ومسلم ‏[‏البخاري في ‏"‏التهجد - في باب الركعتين قبل الظهر‏"‏ ص 157، ومسلم في ‏"‏باب استحباب ركعتي سنة الفجر، والحث عليهما‏"‏ ص 250، والنسائي في ‏"‏باب ذكر ركعتي الفجر‏"‏ ص 254 - ج 1، والبيهقي‏:‏ ص 465 - ج 2‏.‏1‏]‏، واللفظ له من حديث عبد اللّه بن عمر عن أخته حفصة، قالت‏:‏ كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين، انتهى‏.‏ ورواه الباقون إلا أبا داود‏:‏ منهم من رواه هكذا، ومنهم من أتى به في جملة الحديث الطويل في ‏"‏صلاة النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ تطوعًا‏"‏‏.‏ ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏، ولفظه قال‏:‏ كان إذا طلع الفجر لا يصلي ركعتي الفجر، انتهى‏.‏

- حديث آخر، أخرجه أبو داود‏.‏ والترمذي عن قدامة بن موسى عن محمد بن الحصين عن أبي علقمة عن يسار مولى ابن عمر عن ابن عمر أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين‏"‏، انتهى‏.‏ قال الترمذي‏:‏ هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث قدامة، انتهى‏.‏ أخرجه أبو داود عن وهيب عن قدامة بن موسى عن أيوب بن حصين عن أبي علقمة به، وأخرجه الترمذي ‏[‏في ‏"‏باب لا صلاة بعد طلوع الفجر، إلا ركعتين‏"‏ ص 56‏.‏‏]‏ عن عبد العزيز محمد الدراوردي عن قدامة عن محمد بن الحصين عن أبي علقمة، قال‏:‏ ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ كل من في هذا الإسناد معروف إلا محمد بن الحصين فإنه مختلف فيه، ومجهول الحال، وكان عمر بن علي المقدمي‏.‏ والدراوردي يقولان‏:‏ عن قدامة بن موسى عن أيوب بن الحصين، وقال عثمان‏:‏ ابن عمر أنبأ قدامة بن موسى حدثني رجل من بني حنظلة، وذكر هذا الاختلاف البخاري، ولم يعرف هو، ولا ابن أبي حاتم من حاله بشيء، فهو عندهما مجهول، انتهى كلامه، ورواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ من حديث قدامة ثنا أيوب بن الحصين عن أبي علقمة به، لا صلاة بعد طلوع الفجر، إلا ركعتين، ورواه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ولفظه عن يسار مولى ابن عمر، قال‏:‏ رآني ابن عمر أصلي بعد الفجر فحصبني، وقال‏:‏ يا يسار‏!‏ كم صليت‏؟‏ قلت‏:‏ لا أدري، قال‏:‏ ألا دريت أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏"‏ليبلغ شاهدكم غائبكم أن لا صلاة بعد الفجر إلا ركعتين‏"‏‏؟‏‏!‏ انتهى‏.‏ وقدامة هذا معروف، ذكره البخاري في ‏"‏تاريخه‏"‏، وأخرج له مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏‏.‏ وأما محمد بن الحصين، فقال ابن أبي حاتم‏:‏ محمد بن الحصين التميمي، وقال بعضهم‏:‏ أيوب بن حصين، ومحمد أصح، انتهى‏.‏ وقال الدارقطني في ‏"‏علله‏"‏‏:‏ هذا حديث يرويه الدراوردي عن قدامة بن موسى عن محمد بن الحصين عن أبي علقمة مولى ابن عباس عن يسارٍ مولى ابن عمر عن ابن عمر، وتابعه عمر بن علي المقدمي‏.‏ وخالفهم سليمان بن بلال ووهيب، فروياه عن قدامة بن موسى عن أيوب بن الحصين عن أبي علقمة عن يسار مولى ابن عمر، ويشبه أن يكون القول قول سليمان بن بلال‏.‏ ووهيب، لأنهما يثبتان، انتهى‏.‏ فقد اختلف كلام الدارقطني‏.‏ وابن أبي حاتم، واللّه أعلم بالصواب‏.‏

- طريق آخر، رواه الطبراني في ‏"‏معجمه الوسط‏"‏ حدثنا عبد الملك بن يحيى بن بكير حدثني أبي ثنا الليث بن سعد حدثني محمد بن النبيل الفهري عن أبي عمر مرفوعًا حدثنا محمد بن محموية الجوهري ثنا أحمد بن المقدام ثنا عبد اللّه بن خراش عن العوام بن حوشب عن المسيب بن رافع عن عبد اللّه بن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏لا صلاة بعد الفجر إلا الركعتين قبل صلاة الفجر‏"‏، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ تفرد به عبد اللّه بن خراش، انتهى‏.‏

- طريق آخر، رواه الطبراني عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن أبي بكر بن محمد عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر‏"‏، انتهى‏.‏ وكل ذلك يعكر على الترمذي في قوله‏:‏ لا نعرفه إلا من حديث قدامة، قال الشيخ في ‏"‏الإمام‏"‏‏:‏ ومما استدل به على ذلك حديث ابن مسعود عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏لا يمنعنكم آذان بلال، فإنه يؤذن بليل حتى يرجع قائمكم ويوقظ نائمكم‏"‏، أخرجه البخاري ومسلم ‏[‏البخاري في ‏"‏باب الأذان قبل الفجر‏"‏ ص 87، ومسلم في ‏"‏الصوم - في باب أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر‏"‏ ص 350‏.‏‏]‏ قال‏:‏ فلو كان التنقل بعد الصبح مباحًا لم يكن لقوله‏:‏ ‏"‏حتى يرجع قائمكم‏"‏ معنى، وبحديث ابن عمر مرفوعًا أيضًا ‏"‏صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى واحدة توتر له ما قد صلى‏"‏، أخرجاه أيضًا ‏[‏البخاري في ‏"‏الوتر‏"‏ ص 135، ومسلم في ‏"‏باب صلاة الليل‏"‏ ص 257‏.‏‏]‏، قال‏:‏ فلو كان أيضًا مباحًا لما كان لخشية الصبح معنى، قال الشيخ‏:‏ وهذا ضعيف، لأنه يجوز أن يكون خشي الصبح لخوف فوت الوتر، قال الشيخ‏:‏ واستدل من أجاز التنفل بأكثر من ركعتي الفجر، بما أخرجه أبو داود ‏[‏في ‏"‏التطوع - في باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة‏"‏ ص 188‏.‏‏]‏ في حديث عمرو بن عبسة، قال‏:‏ يا رسول اللّه أيّ الليل أُسمع‏؟‏‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏جوف الليل الأخير، فصل ما شئت، فإن الصلاة مشهودة مقبولة حتى تصلي الصبح‏"‏، وفي لفظ ‏[‏في لفظ‏:‏ الخ، أي عند النسائي في ‏"‏باب إباحة الصلاة إلى أن يصلي الصبح‏"‏ ص 98‏.‏‏]‏‏:‏ ‏"‏فصل ما بدا لك حتى تصلي الصبح‏"‏، الحديث بطوله‏.‏

 باب الأذان

- قوله‏:‏ الأذان سنة للصلوات الخمس، والجمعة دون ما سواها للنقل المتواتر

قلت‏:‏ هذا معروف وفي ‏"‏صحيح مسلم ‏[‏‏)‏ في ‏"‏العيدين ص 290‏.‏‏]‏‏"‏ عن جابر بن سمرة صليت مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة، انتهى‏.‏ وفيه أيضًا ‏[‏في ‏"‏الكسوف‏"‏ ص 296‏.‏‏]‏ عن عائشة أن الشمس خسفت على عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فبعث مناديًا‏:‏ بالصلاة جامعة، انتهى‏.‏ والجمعة فيها حديث السائب بن يزيد، والصلوات تأتي أحاديثها‏.‏

مسألة‏:‏ في تثنية التكبير أول الأذان، وتربيعه، أما التثنية في ‏"‏صحيح مسلم ‏[‏في ‏"‏بدء الأذان‏"‏ ص 165 فيه نسختان‏:‏ في نسخة ‏"‏التربيع‏"‏، وفي نسخة ‏"‏التثنية‏"‏ وروى النسائي‏:‏ ص 103 عن إسحاق بن إبراهيم عن معاذ به، وفيه ‏"‏التربيع‏"‏‏.‏‏]‏‏"‏ حدثنا أبو غسان المسمعي، مالك بن عبد الواحد‏.‏ وإسحاق بن إبراهيم، قالا‏:‏ ثنا معاذ بن هشام صاحب الدستوائي عن أبيه عن عامر ‏[‏في مسلم ‏"‏عن أبي عامر‏"‏‏.‏‏]‏ الأحول عن مكحول عن عبد اللّه بن محيريز عن أبي محذورة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ علمه الأذان‏:‏ ‏"‏اللّه أكبر‏.‏اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه‏"‏ إلى آخره، وأخرجه أبو داود ‏[‏في ‏"‏باب كيف الأذان‏"‏ ص 80‏.‏‏]‏ عن نافع بن عمر الجمحي عن عبد الملك بن أبي محذورة عن عبد اللّه بن محيريز الجمحي عن أبي محذورة نحوه، وأخرجه أيضًا عن إبراهيم ‏[‏هذه الرواية ذكرها المخرج في تثنية التكبير، والذي في أبي داود ص 80 ‏"‏تربيعه‏"‏ والله أعلم، وأخرج النسائي عن بشر بن معاذ عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال‏:‏ حدثني أبي، وجدي عن أبي محذورة، وفيه التثنية، وكذا الدارقطني‏:‏ ص 86 عن أبيه عن ابن محيريز وفي ص 87، وفيه التربيع عن جده عن أبيه‏.‏‏]‏ بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة سمعت جدي عبد الملك يذكر أنه سمع أبا محذورة يقول‏:‏ دعاني رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فعلمه نحوه، واستدل للقائلين بالتثنية أيضًا بحديث أخرجه أبو داود أيضًا‏:‏ حدثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة سمعت أبا جعفر يحدث عن مسلم أبي المثنى عن ابن عمر، قال‏:‏ إنما كان الأذان على عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة، غير أنه يقول‏:‏ ‏"‏قد قامت الصلاة‏"‏ مرتين، انتهى‏.‏ وهذا قول مالك، وأما التربيع، فأخرجه أبو داود عن همام ثنا عامر الأحول بسند مسلم، وفيه تربيع التكبير، قال الشيخ في ‏"‏الإمام‏"‏‏:‏ وأخرجه أبو عوانة في ‏"‏مسنده‏"‏ عن علي بن المديني عن مَعَاذ بن هشام عن أبيه عن عامر، وفيها التربيع، قال‏:‏ وأخرجه الحاكم في ‏"‏كتابه‏"‏ المخرج على كتاب مسلم من جهة عبد اللّه بن سعيد‏.‏ وأبي موسى‏.‏ وإسحاق بن إبراهيم، كلهم عن معاذ بن هشام، وفيه التربيع، قال‏:‏ وأخرجه ابن مندة عن عبد اللّه بن عمر عن معاذ بن هشام بسنده، وفيه التربيع، قال‏:‏ وزعم ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏ أن الصحيح عن عامر المذكور في هذا الحديث، إنما هو التربيع، هكذا رواه عنه جماعة‏:‏ منهم عفان‏.‏ وسعيد بن عامر‏.‏ وحجاج، وبذلك يصح كون الأذان تسع عشرة كلمة، كما ورد، انتهى‏.‏ وأخرجه أبو داود‏.‏ والنسائي‏.‏ وابن ماجه عن ابن جريج أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة عن عبد اللّه بن محيريز عن أبي محذورة أنه عليه الصلاة والسلام علمه التأذين، وفيه التربيع، وأخرجه أبو داود أيضًا عن ابن جريج عن عثمان بن السائب أخبرني أبي‏.‏ وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة، وفيه التربيع، قال في ‏"‏الإمام‏"‏‏:‏ وبهذا الإسناد رواه ابن خزيمة في ‏"‏صحيحه‏"‏ وهو معلول بجهالة حال ابن السائب ‏[‏لكن عد الحافظ في ‏"‏التقريب‏"‏ هؤلاء الثلاثة من المقبولين‏.‏‏]‏ وأبيه‏.‏ وأمّ عبد الملك، انتهى‏.‏

وفي الباب حديث عبد اللّه بن زيد في ‏"‏قصة المنام‏"‏، وفيه التربيع، وسيأتي قريبًا‏.‏ وأخرجه أبو داود أيضًا عن الحارث بن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده، وفيه التربيع، وعله ابن القطان بجهالة حال محمد بن عبد الملك، وضعف الحارث بن عبيد، قال ابن معين‏:‏ ضعيف، وقال ابن حنبل‏:‏ مضطرب الحديث، وقال أبو حاتم‏:‏ يكتب حديثه، ولا يحتج به، انتهى‏.‏ وقال أبو عمر بن عبد البر‏:‏ وقد اختلفت الروايات عن أبي محذورة، إذ علمه رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الأذان بمكة عام حنين، فروى عنه فيه تربيع التكبير في أوله، وروي عنه فيه بتثنية، والتربيع فيه من رواية الثقات الحفاظ، وهي زيادة يجب قبولها، والعمل عندهم بمكة في آل أبي محذورة بذلك إلى زماننا، وهو في حديث عبد اللّه بن زيد في قصة المنام، وبه قال أبو حنيفة، والشافعي‏.‏ وأحمد، انتهى‏.‏

- الحديث الأول‏:‏ حديث أذان الملك النازل من السماء،

قلت‏:‏ رواه أبو داود في ‏"‏سننه ‏[‏في ‏"‏باب كيف الأذان‏"‏ ص 78، وابن جارود في ‏"‏باب ما جاء في الأذان‏"‏ ص 82‏.‏‏]‏‏"‏ من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن عبد اللّه بن زيد بن عبد ربه حدثني أبي عبد اللّه بن زيد بن عبد ربه، قال‏:‏ لما أمر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة، طاف بي - وأنا نائم - رجل يحمل ناقوسًا في يده، فقلت‏:‏ يا عبد اللّه أتبيع الناقوس‏؟‏ قال‏:‏ وما تصنع به‏؟‏ فقلت‏:‏ ندعو به إلى الصلاة، قال‏:‏ أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك‏؟‏ فقلت‏:‏ بلى، قال‏:‏ فقال‏:‏ ‏"‏اللّه أكبر اللّه أكبر‏.‏ اللّه أكبر اللّه أكبر‏.‏ أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمدًا رسول اللّه، أشهد أن محمدًا رسول اللّه، حيّ على الصلاة، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، حيّ على الفلاح، اللّه أكبر اللّه أكبر،لا إله إلا اللّه‏"‏ قال‏:‏ ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال‏:‏ تقول إذا أقيمت الصلاة‏:‏ ‏"‏اللّه أكبر اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمدًا رسول اللّه، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، اللّه أكبر‏.‏ اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه‏"‏، قال‏:‏ فلما أصبحت أتيت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فأخبرته بما رأيت، فقال‏:‏ ‏"‏إنها لرؤيا حق إن شاء اللّه‏"‏، فقم مع بلال، فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به، فإنه أندى صوتًا منك‏"‏، فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه لإليه، ويؤذن به، قال‏:‏ فسمع عمر ذلك وهو في بيته، فجعل يجر رداءه، ويقول‏:‏ والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل ما رأى، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏فللّه الحمد‏"‏، انتهى‏.‏ ورواه الترمذي، فلم يذكر فيه كلمات الأذان ولا الإقامة، وقال‏:‏ حديث حسن صحيح، ورواه ابن ماجه، فلم يذكر فيه لفظ الإقامة، وزاد فيه شعرًا، ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع الرابع والتسعين، من القسم الأول، فذكره بتمامه، قال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ قال محمد بن يحيى الذهلي‏:‏ ليس في أخبار عبد اللّه بن زيد في فضل الأذان أصح من هذا، لأن محمدًا بن يحيى سمعه من أبيه، وابن أبي ليلى لم يسمع من عبد اللّه بن زيد، انتهى‏.‏ ورواه ابن خزيمة في ‏"‏صحيحه‏"‏، ثم قال‏:‏ سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول‏:‏ ليس في أخبار عبد اللّه، إلى آخر لفظ البيهقي، وزاد‏:‏ خبر ابن إسحاق هذا ثابت صحيح، لأن محمد بن عبد اللّه بن زيد سمعه من أبيه، ومحمد بن إسحاق سمعه من محمد بن إبراهيم التيمي، وليس هو مما دلسه ابن إسحاق، انتهى‏.‏ وقال الترمذي في ‏"‏علله الكبير‏"‏‏:‏ سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال‏:‏ هو عندي صحيح، انتهى‏.‏ ورواه أحمد في ‏"‏مسنده ‏[‏ص 43 - ج 3‏]‏‏"‏ وزاد في آخره‏:‏ ثم أمر بالتأذين، وكان بلال يؤذن بذلك، ويدعو رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلى الصلاة، قال‏:‏ فجاءه ذات غداة فدعاه إلى الفجر، فقيل له‏:‏ إن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نائم، قال‏:‏ فصرخ بلال بأعلى صوته‏:‏ الصلاة خير من النوم، قال سعيد‏:‏ فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر، انتهى‏.‏ رواه من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد اللّه بن زيد بن عبد ربه، فذكره، ورواه أبو داود ‏[‏ص 82‏]‏ من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل بنحو حديث عبد اللّه بن زيد، وسيأتي في‏"‏ الحديث الرابع‏"‏، وقال الحاكم في ‏"‏المستدرك ‏[‏ص 336 - ج 3‏]‏‏"‏ - في فضائل عبد اللّه بن زيد بن عبد ربه‏"‏ - ‏:‏ وإنما اشتهر عبد اللّه بن زيد بن عبد ربه بحديث الأذان، ولم يخرجاه في ‏"‏الصحيحين‏"‏ لاختلاف الناقلين في أسانيده، وقد تداوله فقهاء الإسلام بالقبول، وأمثل الروايات فيه رواية سعيد بن المسيب، وقد توهم بعض أئمتنا أن سعيدًا لم يلحق عبد اللّه بن زيد، وليس كذلك، وإنما توفي عبد اللّه بن زيد في أواخر خلافة عثمان‏.‏

- حديث الزهري عن سعيد بن المسيب مشهور، رواه يونس بن يزيد‏.‏ ومعمر بن راشد‏.‏ وشعيب بن أبي حمزة‏.‏ ومحمد بن إسحاق‏.‏ وغيرهم، وأما أخبار الكوفيين في هذا الباب فمدارها على حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، فمنهم من قال‏:‏ عن معاذ بن جبل أن عبد اللّه بن زيد، ومنهم من قال‏:‏ عن عبد الرحمن عن عبد اللّه بن زيد، وأما رواية ولد عبد اللّه بن زيد عن آبائهم عنه، فغير مستقيمة الأسانيد، وقد أسند عبد اللّه بن زيد هذا حديثًا غير هذا، ثم أسند عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد اللّه بن زيد بن عبد ربه الذي أُري الأذان أنه أتى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال‏:‏ يا رسول هذا حائطي صدقة إلى اللّه ورسوله، فجاء أبواه، فقالا‏:‏ يا رسول اللّه كان قوام عيشنا، فرده رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إليهما، ثم ماتا فورثهما ابنهما بعد، انتهى كلامه‏.‏ قال الذهبي في ‏"‏مختصره‏"‏‏:‏ وهذا فيه إرسال انتهى‏.‏ ونقل عن البخاري أنه قال‏:‏ لا يعرف لعبد اللّه بن زيد بن عبد ربه إلا حديث الأذان، انتهى‏.‏

-